الظلم والجهل صنوان
يثبت التاريخ يوما بعد يوم أنه ما فشي الظلم إلا وكان الجهل متشبثا بتلابيبه قابضا علي ساعده متحكما في حركته وموجها لبوصلته كي يرسوا صاحبه في غياهب الظلام ويحتضن العفن والحنق فيورد أصحابة موارد التهلكة ويدفنهم في مزابل التاريخ ، الظلم لا يتأتي من عالم أو صاحب رؤية أو فكر ، لا يتأتي من راعي قضية وذا عقيدة فأي ظلم في العالم هو في البدء ظلم للنفس فالذي يمارس الظلم ويعتنق أيدولوجيتة لا يعي إنه إنما يؤسس لظلم نفسه بادئ ذي بدء ، ولعل التاريخ يحفل بالكثير من الأمثلة التي تبرز هذا في أطر مختلفة وإن كانت جميعها توصلنا لنتيجة واحدة ألا وهي أن جهل الظالم لا يعفيه من تبعات الظلم وقد وصف المولي عز وجل في كتابة الحكيم الإنسان بأنه ظلوم جهول وقرن بين الصفتين ليعلمنا شدة ارتباط احدهما بالأخر وليؤكد إنه رغم علمه سبحانه وتعالي بتأصل هاتين الصفتين في كثير من بني البشر والذي يظهر في ذكره للإنسان في المطلق ووصمه بتلك الصفتين فإن هذا لا يسقط الحساب عند المولي عز وجل لأنه في موضع أخر ذكر أنه هدي بني البشر النجدين أي الطريقين الخير والشر وترك لهم حرية اختيار الطريق ،
نخلص من هذا إلي إن الجهل لا يعفي صاحبه من تبعات الظلم كما ذكرنا لهذا وجب علي أي شخص أن يتحري الفقه في أي شيء والفقه هو الإلمام بكافة جوانب أي مسألة دينيه أو دنيويه تعرض لنا والتفقه هو محاولة فهمها علي الوجه الأصح والأعم وإدراك كافة جوانب دقتها وصحتها فيجوز أن نقول فقيه قانوني مثلا أي ألم ألماما شاملا ومتعمقا بكافة جوانب القانون ، وحري بأي صاحب سلطة أن يتفقه في كيفية سياسة من تولي عليهم ويتعلم كيف يستطيع أن يقوم علي خدمتهم ويدرك أن استخلافه عليهم أنما هو من نعم الله وابتلائه له ليعرف أيشكر أم يكفر ،
ولعلنا نلحظ أن كثيرين من ولوا أمرنا نسوا أو تناسوا عن عمد أن الذي أتي بهم للملك والحكم أنما هو ملك الملوك الواحد الأحد الجبار الذي يهب الملك لمن يشاء وينزعه ممن يشاء ، الذي بيده ملكوت السموات والأرض وبيده الخير يعطي من يشاء ويمنع من يشاء ، وهم حين نسوا أو تناسوا هذا غرتهم أنفسهم فأطلقوا أيديهم لتعيث فسادا وإفسادا ، دون وازع من ضمير أو بقايا من خلق قويم ، وهم نسوا أو تناسوا لجهلهم المطبق وغفلتهم المطلقة ، فغطي الجهل علي بصائرهم وطمس أعينهم فلم يعودوا يرون سوي مصالحهم ولم يراعوا سوي شهواتهم ، وبات جل همهم كيف يجمعون الثروات وينهبون الضعفاء وخيرات الأوطان فأضافوا إلي جهلهم وضيق أفقهم الظلم وهرولوا إلي طريق الهلاك ،
وأنا هنا لا أتحدث عن الهلاك والعذاب الذي ينتظرهم في الآخرة لأن هذا في علم علام الغيوب وهو وحده القادر والعليم به ، أنما حديثي ينصب علي الهلاك الدنيوي ، فالجهل الذي يتسم به الكثير من هؤلاء أوردهم موارد التهلكة والحق بهم الخزي والعار ولو إنهم تخلوا عن جهلهم ولو قليلا فعاشوا وتمتعوا وأنفقوا دون أن يفكروا في كنز الأموال وتكديسها وتهربيها إلي بقاع الأرض قاطبة دون وازع من ضمير أو رادع من تقوي أقول لو أنهم أكتفوا بهذا وتركوا ما كنزوه بغير وجل وما سرقوه بغير حق ينتفع منه البسطاء من أبناء أمتهم لرفعهم العامة علي الرؤوس ولحفظوا لهم الود وربما كرموهم ، لكن الجهل الذي ران علي قلوبهم أعماهم عن رؤية ابسط الأمور فظلموا واستباحوا ما ليس لهم بحق فكان الظلم لأنفسهم لأنهم أوردوها موارد التهلكة وظلم لمن ولوا عليهم فأظلمت عقولهم وانتكست فطرتهم وأصبحوا بجشعهم أقرب إلي الوحش الذي يسعى في الأرض قتلا وتقتيلا لا لشيء إلا لأنه نهم لرؤية ضحاياه مدرجون بدمائهم ،
يأمل البعض أن يثوب أحد من هؤلاء لرشده فيتوب ويعيد بعض ما سرق معتذرا ، أو يرد بعض المظالم ، وأنا أرى استحالة هذا لأن من تشرب الجهل وعمر قلبه بالظلم لا يري سوي ذاته ولا يفكر في غير نفسه ولن يردعه السيف ولو سلط علي رقبته فقد أعماه الظلم وكبله الجهل حتى ما عاد يري ابعد من أرنبة أنفه .
اشرف نبوي
كثيرون لديهم خطط طموحه للنهوض بهذا الوطن ، لكنهم إما خائفون أو مترددون أو لا يعرفون الطرق الفاعله لتنفيذ آمالهم تجاه هذا الوطن ، والمسؤلين غالبا ( الا ما رحم ربي ) مشغولون بأبهة المنصب والحفاظ علي مظهرهم والتمتع بالسلطه وإستغلال مناصبهم في كل ما يعود عليهم وعلي ذويهم بالمنفعه ، ولا يوجد وقت للتفكير في إيجاد حلول للنهوض بهذا الوطن ،
tadwina-18873864-tadwina
tadwina-18873864-tadwina
إجمالي مرات مشاهدة الصفحة
الثلاثاء، 15 مارس 2011
الظلم والجهل صنوان
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق