tadwina-18873864-tadwina

tadwina-18873864-tadwina

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 26 يوليو 2010

العري

العري
كلمة تشد البعض حين تصافحها عيناه إما إنجذابا أو هربا وفي كلتا الحالتين يسيطر الموروث الثقافي والفكري علي الشخص حال تعرضه لسماع أو رؤية هذا اللفظ والعري ليس بالضروره كما يتبادر إلى ذهن الكثيرين عري جسدي يبرز نهدين أو فخذين بل إن العري الفكري أعمق بكثير وهو عري يهدم صاحبه لا كالعري الجسدي يفضح وحسب ، أذن فهو أشد وأنكي ، والعري الجسدي قد يضر صاحبه وحسب أما العري الفكري فهو ذو تاثير ممتد لا يكتفي بهدم صاحبه بل ويشوش علي كل مخالطيه ،
العري في اللغه هوالتجرد مما يستر الجسد ، وهو سلعه رائجه عند السفهاء والخبثاء علي السواء يقدمها أحدهما للاخر تحت مسميات عدة قد تكون المتعه أو التسليه أو الضروره وبتغافل وتواطئ كل الأطراف يتم تداول العري أيضا تحت مسميات وقوالب جاهزه تبرر له وتقنن شرعيته ولما لا وهو الحاصد الاكبر للملايين ،وحين نحاول إن نشرح تلك الظاهره أو ندرسها بتعمق وتفصيل نجدن أنفسنا وقد وقفنا حائرين فلا منطق لأن يتاجر بالعري شعوبا متقدمه وغنيه ومتحرره وينافسها في هذا شعوبا متخلفه وفقيره وأحيانا مستعمره أو شبه مستعمره ،
حين بدأ تغلل النت في شتي مناحي حياتنا حذر كثيرون من مغبة هذا الغول القادم ليقتحم علينا وعلي أولادنا خلوتهم وينشب أنيابه فيهم وهزء كثيرون من تلك التحذيرات غير أبهين بها ، وهونوا كثيرا من أمر خطرها خاصة وقد قنعوا بأن النت سيسيطر لا محالة علي كل شئون حياتنا ولن تمر سنوات كثيره حتي يصبح كل شيء يتم عن طريق هذه الشبكه التي تنموا كل لحظه ملايين المرات وأصبح الجميع مهووسا ومتعلق بها والجميع يتسابق للإفاده والاستفاده من خدماتها ،
ووجد كثيرين هذا المجال أسهل الطرق لتقديم العري كما يحلوا لهم ولن أقول إنها مؤامره بل هي شطاره أفاقين وجدوا ضالتهم وأرباحهم السهله في طرق هذا الباب الواسع والبسيط ودون إحتكاك باحد أو التعرض لمضايقات أو ملاحقات وهم يزعمون دوما إنهم إنما يقدمون خدماتهم للراشدين ، مع علمهم ويقينهم بإن ما يقدمونه إنما يستهوي الصغار والمراهقين والسفهاء وأن جل ما يجنونه من وراء مواقعهم واعلإنتهم إنما هو نتاج أقبال تلك الفئات العريضه علي ما يقدمونه لهم من سم في عسل ، خاصة وهم يعرفون جيدا كيف تدار امور النت وكيف يكسرون أي حدود أو عوائق توضع للحد من أثار تلك المواقع المدمره ولديهم شغف لأستكشاف هذا العالم الغامض والغريب والجديد ،
ولإن عالم العري ضيق بحدود يعرفها العاقل ويعرف إنها في الوضع الطبيعي لا تشغل إلا جزء يسير من حياتنا فإن شياطين الويب تفننوا في تقديم كل ما هو مثير وغير منطقي وغريب ليشدوا السفهاء كبارا وصغارا لمواقعهم وقد قرأت بحثا لطبيب كبير كانت خلاصه ما توصل إليه ان سبب كثير من حالات الطلاق بين الشباب وإنتشار الكثير من الامراض هو تعرض احد طرفي العلاقه لتلك المواقع وإدمانه علي متابعتها ، بل والإنكي من ذلك فقد توصل الطبيب من خلال بحثة الذي استغرق عدة سنوات إن تلك المواقع المشبوهه والتي ظهر منها الكثير باللغه العربيه يحتوي ليس فقط علي صور ومقاطع فيديوا إنما يحوي أيضا علي قصص تؤسس لزنا المحارم وتدعوا إليه ناهيك عن تقديم كل ما هو مسف ومنحط وسافل من تصرفات رجال ونساء يفترض إنهم إناس عاديون وإن ما يقومون به من تصرفات إنما هو شيء حادث ويحدث يوميا فيشب النشئ علي اعتبار إن هذه امورعاديه تحدث ولا ضرر منها ،
وقد خلص الطبيب في نهاية دراسته إلى إنه ليس هناك سبيل لمنع تلك المواقع من الظهور ومداعبة خيال السفهاء والصغار مهما حاولت كل دوله لان تلك المواقع تمتلك تقنيات تجعلها تتلون وتغير من جلدها وتهرب من كل حظر ناهيك طبعا عن التقدم التقني الذي صار يتمتع به كثيرون من الصغار في معالجة امر الحظر والذي بات من الماضي - ويحضرني هنا جملة مأثورة كانت كل الراقصات يقلنها بلا حياء حين يسألن عن سبب سلوكهن هذا الطريق مع ما فيه من مآخذ وحرمات كإنت هناك إجابه وحيده : هربت من قسوة أهلي ورقصت بشرفي ، وهنا تكمن المفارقه فهي وبرغم تعرية معظم جسدها تتحدث عن الشرف وتتمسح في الفضيله وهذا لا تفسير له إلا ما بدأت به كلامي وهو حدوث التعري الفكري والثقافي فنحن حين نصاب بالعري الفكري تكشف سوءة عقولنا ونفضح ، ولا نعد قادرين علي التمييز، فقط يكون جل اهتمامنا إن نحاول ستر انفسنا ، ولو كما روي علي سبيل التهكم من إن احدي نساء البدو أرتبكت بدخول بعض الرجال عليها وهي كاشفة لوجهها فرفعت جلبابها وغطت رأسها منهم وإنكشفت عورتها ، هذا يكون حالنا حين نكون مصابين أصلا بالعري الفكري والثقافي ونحاول إن ندافع عن أنفسنا فنزيد الأمر سوء،
المغزي هنا إننا يجب إن نحصن إنفسنا أولا ضد العري الفكري والثقافي وأنا اعرف إن البعض يمتلك حساسيه ضد الشرع والدين حين ندعوه إلى التمسك بتعإليم ومبادئ الدين لذا انا أدعوا الجميع إلى التحصن ضد العري الفكري الذي إنتشر كثيرا في أيامنا هذه وإنبري لرفع رايته كثيرون من الكتاب والشعراء والصحفيين بداعي الحريه والتفتح لإننا وببساطه لو تعلمنا وعلمنا أولادنا إن هذا التعري في غير موضعه (الذي هو بالضروره في خلوه وبين الزوج وزوجته وفقط ) إنما هو تعري عبثي ضرره أكثر من نفعه ، وإن الحياة تحوي الكثير مما يجب علينا التفاعل معه ، وتشتمل علي الكثير مما ينبغي إن ننجزه في رحلتنا القصيره في دنيانا هذه ، وإن المجد لم يكتب لعاهره أو ساقط بل كتبه فكر رجال ونساء عرفوا كيف يتعاملوا مع معطيات الحياة ويستروا عقولهم بثقافات وخبرات أسست لمجدهم وخلدتهم ، وهم لم يهملوا جإنب العاطفه أو الاستمتاع في حياتهم ولكنهم قدرو له قدره وعرفوا من خلال إعمال فكرهم في الامر كيف ينحوا العري جإنبا وكيف يسطرون صفحات من المجد ،

أشرف نبوي

الأربعاء، 14 يوليو 2010

عمده بجد

عمده بجد
جمعني لقاء مع أحد أصدقاء الماضي الذي أصبح عمده كون أبيه وجده كانوا عمد أيام كان للعمده قيمه وللعموديه مهابه و قدرا كان علي بساطته التي عهدتها فيه دوما وهي سمة أبناء ريف مصر ، جلس بجواري وهو يذكرني بأيام طفولتنا حين كان يزورني في الأسكندريه لقضاء الصيف وحين كنت أزوره أحيانا بالقريه للأستجمام ، وجرنا الحديث إلي عملي بالخارج ومن ثم سألته عن عمله وهل لمنصب العمده نفس القدر الذي كان أيام جده الذي كنا نفر جريا إذا رأيناه آتيا مهابة وخشية ، فضحك صديقي ضحكه طويله وأرتفع صوته مجلجلا وهو يقول كاااان زمان ،
بعد أن إنتهي من وصلة الضحك التي تكررت حتي دمعت عيناه ، رأيت حزنا متواريا علي قسماته ، أراد أن نغير الموضوع لكنني وجدتني مشدودا لمعرفة التفاصيل ولما هذه النظرة الحزينة التي أرتسمت علي وجه عمدة بلدتنا ، في نهاية ضحكته ، أبتسم صاحبي العمده وهو يقول بأسي إنهم يقومون بتعيننا الأن لا توجد إنتخابات كما كان الوضع أيام جدي ، يأتي أمر من المركز- من الحكومه يعني- ، و بعد أن كان مأمور المركز يزور العمده ، كما كان يحدث مع جدي وينسق معه ويعطيه الثقه والدعم بزيارته نحن نطلب الأن حسب ما يرتئيه المأمور وأحيانا يطلبنا ونذهب إليه نحن عمد الكفور ثم لا يجد وقت لنا فنعود بعد أن ننتظر عدة ساعات وكأننا موظفين لديه ، وحين تعجبت من كلامه نظر إلي الأرض وهو يقول أنت فاكرني عمده بجد ؟
حز كلامه في نفسي وبعد فترة صمت ، أكمل هؤلاء الضباط يعتبروننا مخبرين لديهم ليس إلا ، في أخر مره زرت الضابط في المركز سألني بخبث عن بعض عناصر جماعات دينيه فأخبرته أن هناك بعض المتدينين لدينا وأصحاب الدعوه فهز رأسه مستهزئا وهو يسألني ألا تعرف إنهم أعضاء بجماعات محظورة ، وقبل أن أجيب ذكر لي بعض الأسماء فأشرت إليه موفقا إنهم نفس الأشخاص ، فصمت برهه ثم أردف ألم تنسي أحدا فتعجبت وأشرت إليه بالنفي ،فضحك مستهزئا وهو يقول وبيقولوا عليك عمده ؟ ثم ذكر أحد الشباب الذي بدت عليهم علامات الصلاح وأنتظم في المسجد مؤخرا ، وطبعا لم يصدقني حين قلت له إنه شخص ألتزم وهو ليس عضوا بأي جماعه ، وصرخ وهو يهب واقفا عايز تقرير أسبوعي عنه ، قمت من فوري وسلمت عليه وأنا أرتجف فقد يلفق لي أي تهمه أبسطها اخفاء هاربين او التستر علي فارين من العداله ووقتها لن تطير العموديه فقط بل ربما طارت رقبتي ، وضحك نفس الضحكه الهستيريه الصارخه ،
تعجبت وأنا أستمع لحكايته فقد أنخفض سقف الحريه كثيرا رغم التشدق بنغمات الديموقراطيه والحريه التي يسمعونها لنا ليل نهار وأصبح العمدة والذي كان كبير البلد ورمز العداله والهيبه والأحترام ، لعبه في إيدي رجال الأمن الطغاة بمساندة دولة البوليس التي باتت تحكم مصر في عهد ظل يكذب علينا وعلي نفسه حتي صدق كذبته بأننا نعيش عهد الديموقراطيه والحريه ، عهد الشفافيه والعداله ، فأذ بنا نتراجع خطوات وتكمم الأفواه ويسود منطق إرهاب الدولة متمثلة في جلاديها من ضباط الأمن الذين لا هم لهم سوي متابعة المواطنين الأبرياء وأصطيادهم وتلفيق التهم لهم ناسين أن أساس وجودهم أنما هو حماية أمن وأمان المواطن والضرب بيد من حديد علي أيدي المجرمين وسارقي أقوات الشعب لا تنصيب أنفسهم قضاة لمحاكمة الشعب وتكميم أفواه أبنائه حتي لا تنطق بما يغضب أسيادهم ولاة نعمتهم وحماة وجودهم في مناصبهم التي باتت تدر عليهم الكثير وتضعهم خارج دائرة المطحونين من أبناء الشعب الجياع والمظلومين ، فهم قد أختاروا الجانب المشرق من الصوره وتركو الجانب المظلم بظلمه وكآبته يرتع فيه كل من تسول له نفسه معارضتهم هم أو أسيادهم ،
ولم أتصور يوما أن يصل الحال إلي ما وصل إليه فتحكم القبضه الحديديه ليس علي المدن الكبيره وناسها فقط بل أيضا علي القري الصغيره التي لم تكن يوما تشكل أي تهديد ، بل علي العكس كان أهلها بطيبتهم وعمدتهم الحقيقي الذي كان ينتخب من وسطهم ( هذا ايام كان هناك إنتخابات ) كانوا مثالا يحتذي في العداله وتطبيق القانون والعرف ، فأذا بنظام الجلاديين الجدد ينسف هذه المنظومه وينصب نفسه وصيا عليها ، وكانه يصرخ بأعلي صوته : أنا العمده وبس .


أشرف نبوي

الثلاثاء، 6 يوليو 2010

أنا أسرق .. أذن أنا موجود !!!

أنا أسرق .. أذن أنا موجود !!!
ليس للموضوع أي علاقه بالفلسفه من قريب أو بعيد ، كل ماهنالك أن البعض أصبح يشعر بأن ما نعيشة من معناة علي إمتداد بلدان الأمه من المحيط إلي الخليج يستلزم أن يكون الشخص فاعلا ، ولأن التفاعل السلبي أسهل بكثير من التفاعل الإيجابي فأن أسهل الطرق لأن أتفاعل وأثبت وجودي هي السرقه سواء أكانت من الدوله أو من الأفراد الأخرين بالمجتمع ، والمصيبه هي إن الجميع - إلا ما رحم ربي - أصبح يعتقد إعتقادا راسخا إنه لن يحقق ذاته إلا إذا شارك في عملية النهب المنظم لأنفسنا ولأوطاننا فالمسألة أصبحت اكثر من مجرد رغبه في تحقيق الثراء بأسهل الطرق بل تعدتها لتصبح رغبه في العيش وأثبات أن الشخص جزء من نسيج المجتمع متوائم معه وليس بغريب أو مختلف ،
قد يظن البعض أني أغالي لكنها الحقيقه ولو تلفت كل منا حوله سيجد هذا جليا ، المدرس لا يقوم بواجبه إنتظارا للدروس الخصوصيه التي تدر عليه الكثير حلالا وحراما فهو يسرق الوزارة التي تسرقه بدورها حين تجعله يعمل بأجر أقل مما يوفر له أدني متطلبات البقاء ، ووالد الطالب لا يجد ما يكفيه لسداد قيمة تلك الدروس فيمد يده لأن راتبه من الوظيفه لا يحقق له الأكتفاء ، ويطلب الرشي التي يطلق عليها أسماء عدة أو في أحسن الظروف لا يقم برد باق المبالغ التي تحصل لحساب الدوله ، وبدوره الشخص الذي يدفع تلك الرشي يخالف القوانين والأنظمه ، مما يؤدي لتعرض الدولة لخسائر فتتقلص ميزنيتها وتقطر أكثر فأكثر علي الموظفين وهكذا دواليك في دوائر تكون أحيانا بسيطه كالتي ذكرتها وأحيانا تشمل أفراد المجتمع قاطبة ، دائرة فساد تبدأ وتنتهي بالأفراد الذين تترسخ داخلهم يوما بعد يوم فكرة أنا أسرق إذن أنا موجود ومتفاعل مع البيئه المحيطه ولا أظنها ستلفظني بل ستحتويني أكثر لأني منها ومثلها تماما ، وتتأكد القناعة لدي الجميع في ظل غياب الوازع الديني ، والقدوة الطيبه ، وفي ظل نوم الضمائر عند البعض وغيابها لدي أخرين تتسع دائرة السرقه وتعم الظاهره التي لو توقفنا أمامها بتمعن وفكر لوجدنها دائرة مغلقه كل منا يقف واضعا يده في جيب الاخر بغير حق وهكذا دواليك حتي أجد الأخير قد وضع يده في جيبي كما فعلت بمن سبقني ، والغريب أننا اسسنا لقاعدة جديده بعيدة كل البعد عن المنطق وهي قاعدة بدأت في بعض بقاع اأمتنا ومن ثم أنتشر إنتشار النارفي الشهيم وهذه القاعدة الفاسده والمفسده تسمي إختصارا ( أشمعني ) تتبعها أنت أو أنا أو هم أو نحن ، وتلوث كل جميل وكل قيم ومباديء كانت وسام علي صدورنا يوما ورفعتنا كأمه رائعه تقود الامم يوم أن كنا نرفض التنازل عن مبادئنا وقيمنا ، يوم كنا نعرف أن الخطأ خطأ ، وأن الإعتذار واجب حين نخطيء ، وأن من لا يخطيء لا يتعلم ،
المؤسف هي أنني لاحظت شيوع تلك الطريقة الجديده في التعامل في شتي أقطار أمتنا من المحيط إلي الخليج وكأنه وباء سري بين أظهرنا وتناقلناه عبر إعلام فاسد وذمم خربه أصلت لتلك الرؤي الجديده بكل سلبياتها وكأنها مؤامره لتدمير هذه الأمه رغم كوني لا أميل لفكرة المؤامره ، فأنا علي قناعه إننا نحن من نتأمر علي أنفسنا حين نصر علي هدم كل ما هو جميل ، حين نصر بعناد علي المضي في طرق نعلم أنها أنفاق مظلمه ولا تؤدي إلي شيء بل إنها تكاد تكون مغلقه أو ستلقي بنا إلي غياهب لا يعلمها إلا الله ، نحن كأمه بشعوبها نسير من سيء لأسوء ، وما يحزن القلب أن المشكلة ليست مشكلأة ظلم وطغيان حكومات وفقط ، بل إن الطامه أننا نحن كأفراد وشعوب أصبحنا نظلم أنفسنا ونظلم بعضنا البعض أكثر ، وندفع بحجج واهيه مؤداها أننا نتعرض لظلم وفساد وقهر فلما لا ندفع بنفس السلاح ، وإن عجزنا عن إذاقه جلادينا هذا الظلم فما المانع أن نذيقه لأخواننا أو من نقدر عليه ، حال غريب لأمه دينها وعرفها بل موروثها القديم يقوم علي عكس كل ما سبق، أمه كانت مكارم الأخلاق فيها هي المحدده لقدر رجالها ، و العفه هي قوام وركيزه تقدير نسائها ، فإذا بنا اليوم نري إنقلاب الحال وتحولنا إلي وحوش تنهش بعضها بلا هواده أو رحمه ،
وبدلا من أن نعتمد ( أنا أفكر أذن أنا موجود ) ،( أنا أعمل أذن أنا موجود ) إذ بنا نعتمد فكرة السرقه والتجاوز علي حقوق الأخرين كمبدئ نعلم مسبقا إنه سيودي بنا الإفلاس والدمار ، ولن ينصلح الحال بين يوم وليله لأن ما حدث بدأ وتفاقم علي مدار سنوات لكنني أري إن من واجب المثقفين والكتاب متابعة الكتابه وشرح الأثار المدمره لما صرنا إليه وفتح الطريق أمام إصلاح أنفسنا ، وتبيان أن حالنا كأمه لن ينصلح بلا إعادة لترتيب الأوراق وتغير أنفسنا وعمل مراجعه شامله لكل تصرفاتنا ، ومن ثم إصلاح ما أفسدناه ، هذا إذا رغبنا في أن نعيد لأمتنا ريادتها ولأنفسنا قيمتها ، ويجب أن نعرف أن هذا الأصلاح يستلزم وقت طويل لكنه لن يحدث لو تركنا أنفسنا كما نحن ، بل علي العكس سيأتي الوقت الذي تنهار فيه كل مقومات أمتنا وربما أندثرت تماما أمتنا أو ذابت بين الأمم الأخري وأنتهي ذكرها ،

الجمعة، 2 يوليو 2010

كوز السمنه وكوستبان القشطه

كوز السمنه وكوستبان القشطه
روي لي جدي يوما وهو يتكيء إلي جزع الجميزه ويمد يديه أمامه ليستدفيء بنار( المنقد ) المتقده أمامه بقوالح الذره الجافة التي تشتعل بسهوله ويستخدمها الكثيرين في ريف مصر للتدفئه وصنع الشاي الأسود المغلي ، وكان هذا قبل ثلاثون عاما أو يزيد يومها كان الجو ليلا وأصررت أن أصطحب جدي للحقل الذي لم يكن بعيدا عن منزله الريفي ، وقد كان سعيدا لأني فضلت إصطحابه عن دفء البيت وربما أعتبر هذا علامة علي الرجوله المبكره ، المهم ولفرط سعادته كان يشيد بي طوال الطريق ، ويحكي لي الحكاوي كي يسليني ويعظني وأستمر في حكايته العجيبه والغريبه حتي بعد أن ربط الثور إلي الساقيه وبدأ في نوبة ري الأرض وأشعل النار وأحضر الشاي والبراد المغطي بالسواد وجلس يعد الشاي وهو مستطردا في حديثه الشيق ، وكان مما رواه خلافا لحكايات النداهه التي لم يراها ولكنه سمع الكثير من أصدقائه عنها ، والمرده الذين يظهرون فجأه ويختفون فجأه ولا يخيفهم سوي آيات من الذكر الحكيم ، كانت روايته عن أيام صباه وشبابه ورهاناته هو ورفاق شبابه في مجال العدو والسباحه في ترعة البلده ومغامراته في حمل ثور وقع في إحدي سواقي البلده ، وكيف إنهم كانوا يشربون السمن البلدي بالكوز وهو الذي جعلهم أقوياء هكذا - حسب زعمه - وكان الواحد منهم يدير الساقيه إذا مرض الثور أو ذبح لأي سبب كان ،
كنت وقتها أستمع لجدي وأنا فاغر الفاه مشدوه بكل كلمه ومصدقا لكل حرف وأنا علي قناعة بأن جدي هو المرجع الرئيس لكل عائلتنا ولا يجوز للمرجع أن يخطي أو أن يبالغ وقد كنت أراه بالفعل وقد تخطي الستين يأكل البيض ونصف الطبق غارقا في السمن وهو يتلذذ ويشجعني أن أشاركه غمس اللقمه في السمن ، أما هبر اللحم الملبسه ( وهي المغطاه بطبقة سميكه من الدهون ) كما كان يسميها فقد كانت أكلته المفضله ، لكن للحق هذا الرجل لم يكن يركن للراحه فقد كان يبدأ يومه بعد الفجر مباشرة ويستمر يعمل بيديه قبل أن تنتشر الألات الزراعيه ولا يرتاح قبل الظهيره يلمم ذاته تحت شجره ويتناول غداء خفيفا وينام نصف ساعة ، يقوم بعدها نشيطا ليكمل عمله بعد أن تكون الشمس مالت قليلا وخف وطء حرها ، ولا يغادر حقله إلا مع أذان المغرب ، يغتسل ويصلي ثم يتناول عشاءة الدسم ويجلس أمام داره ساعه ثم يصلي العشاء ويخلد للنوم ، كان هذا حاله علي الدوام ، ولم أراه يذهب لطبيب إلا قبل موته بأيام ورغما عنه ،
أما في أيامنا تلك ورغم إختفاء السمنه البلدي من طعامنا فأنني أري الأمراض استوطنت الأجساد وعلي رأسها السمنه التي أصبحت مرضا يعاني من أثاره الكثيرين وبرامج التنحيف التي يطلق عليها ( ريجيم ) أصبحت موضة العصر ولا تجد بيتا يخلوا من مريض بالسمنه أو حريص علي التخلص منها وتستغل أكثر القنوات الفضائيه هذا الهوس بالتنحيف بطريقه بارعه وتحدد له الأرقام للاتصال لتستفيد من هذا الهوس وتخصص البرامج الكثيره والمتنوعه وتستضيف ماشاءت من الأطباء لتروي عطش الكثيرين لهذا النوع من البرامج وتشبع شغف النساء الحريصات علي تقليد قوام الفنانات ومحاكاة أشكالهن ،كالتي تحلم بأن تكون في قوام جوليا روبرتس أو حتي هيفاء او نانسي ، وكم سمعنا عن مأس كثيره حدثت نتيجه لأتباع نظم خاطئه في التخسيس وأمراض أستوطنت الجسد بسببها ، ناهيك عن الأخطاء المميته التي نتجت عن بعض عمليات الشفط والحقن التي باتت موضة هذا العصر وللأسف ينسي كثيرون أن الحاجه إلي الحركه وبذل الجهد مع تناول أطعمه معتدله السعرات أو حتي عاليه السعرات كما كان يفعل جدي لن يضرهم بل سيحسن من صحتهم شريطة بذل جهد مساو لما يتناولونه من سعرات ، لأن معدلات الحرق في الجسد تتناسب طرديا مع بذل الجهد ، والدليل علي ذلك أن الكثيرين والكثيرات ممن يعانون من أمراض السمنه يتناولون ليس السمنه البلدي بالكوز كما كان يفعل جدي بل أنهم يكتفون بكستبان قشطه يتناولونه مره علي الاكثر كلما سمح لهم نظامهم الغذائي بهذا ( الكستبان غطاء معدني يشبه الكوب بحجم عقلة الأصبع يستخدمه الخياطون حتي لا يشاكوا بالابره )
لكنهم وعلي الجانب الاخر لا يقومون باي مجهود ولا بعشر ما كان يقوم به جدي الذي مات وليس له ولو كرش صغير وبمناسبة الكرش أتذكر حكاية طريفه كان لي صديق خفيف الظل له كرش يتدلي أمامه ولكنه كان سعيدا به ومبعث سعادته إنه كان مقتنعا بأن العز والكرش قرينان فهو علامه علي الغني كما إنه كان يمازحنا دوما وهو يقول كيف يستطيع أحدكم ان يضبط ربط حزام بنطاله دون هذا الكرش ، صديقي هذا رحمة الله مات بأزمه قلبيه في منتصف العقد الثالث وهو لم يكمل الثلاثين ،
أعود لما كنت قد بدأته فالأجهزه المنزليه بدأ من الخلاط وإنتهاء بالغسالة الفول أتوماتيك ومرورا بكل ما يريح من أدوات الطبخ والتنظيف أصبحت في كل بيت ،(والهوم دلفري) حتي للخضار واللحوم والفواكه أقعدت ربة المنزل حتي المراوح والاجهزه الالكترونيه أصبحت تدار بكبسة زر عن بعد عن طريق ( الريموت كونترول) جهاز التحكم عن بعد الذي بات رفيق الجميع خاصة الرجال بعد أجهزة الحاسوب التي أنتشرت في جميع المكاتب والتخاطب عن طريق الأميل داخل المكتب الواحد وعدم مغادرة الكرسي إلا ساعة إنتهاء العمل فباتت أجهزة التحكم عن بعد تتحكم بنا وبكل شيء ، فزادات الامراض ومعدلات السمنه وفشلت كل الانظمه الغذائيه معنا ونحن جميعا مصرون علي صم أذاننا وإتباع النصائح الجوفاء ونحن مغمضي العينين فلا حركه ولا رياضه لأننا أقنعنا أنفسنا بأنه لايوجد وقت - رغم وجود الوقت للتلفاز وللنوم وللقهوه والتسوق أحيانا ،
وفي رأي الشخصي إنه إنتحار بطيء نخطط له بعنايه ونحن نمنع أنفسنا من نعم الله التي خلقها لنا وفي نفس الوقت تسوء صحتنا وتصيبنا السمنه لا لشيء إلا لأننا تعودنا الكسل وأرتضينا الخمول ، ولن أضيف جديدا إذا قلت أننا بحاجه كل يوم للمشي فقط المشي لمده ساعه ويا حبذا لو أستغللنا تلك الساعه في ذكر الله أو التأمل والتفكير ، أو أستخدمناها في عيادة أحد المرضى ، أو صلة أرحامنا ممن باتت المسافات تبعدنا عنهم كل يوم أكثر فأكثر ، وليس هذا صعبا إذا وضعنا خطه محدده المعالم وقمنا يوميا بعمل أحد تلك الأشياء وكانت نيتنا خالصة لله ، وقتها لن تكون الفائده جسديه وحسب بل وروحانيه ستشعرنا بالرضي عن أنفسنا والهدوء والسكينة الداخليه التي تعود بأكبر نفع علي صحتنا بصفه عامه ، تلك السكينة التي كان يستشعرها جدي وهو راضي عن ذاته قانع بعمله ومجتهد في أداء واجبه دون تبرم أو غضب مع حرصه الدائم علي صلة الرحم ومواظبته علي أداء فروضه التي لم يمنعه يوما التعب أو الأرهاق من أدائها ، فنعم بسلام داخلي حفظ له صحته ولم يصب بتصلب الشرايين رغم عادته الصحيه التي تعتبر سيئه بمقاييسنا الأن ، والتي في يقيني أنه لو فكر أحدنا في القيام بما كان يقوم به جدي من شرب كوز سمنه لأنتقل علي الفور الي عالم أخر ،حتي قبل أن يكمل ،
أشرف نبوي