tadwina-18873864-tadwina

tadwina-18873864-tadwina

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 7 أكتوبر 2010

أبو قردان .. وأخلاقنا

أبو قردان .. وأخلاقنا
حين كنت أسافر من الأسكندريه إلي القاهره وأنا طفل كانت عيناي تتعلقان بالحقول الممتده عبر نافذة القطار وكنت لا أشعر بالوقت أو المسافه حتي نصل ، أما أكثرما كان يشغلني فهو طيور بيضاء رائعة كانت تنتشر عبر المساحات الخضراء عرفت من أبي إنها تسمي طيور أبي قردان ، وقد حاول أبي أن يشرح لي علي قدر فهمي حينها كيف أن هذه الطيور لها فائدة عظيمة في تخليص الأرض من بعض الديدان والحشرات والمحافظه علي الزرع فزاد حبي لهذه الطيور التي كنت أتمني ان ألمس أحدها ، وظللت أتابع هذه الطيور في رحلاتي ويوما بعد يوم كان يزداد تعلقي بها ،
ومرت السنوات وبدأت ألاحظ إختفاء تلك الطيور حتي أصبحت لا أري ولو طائر واحد علي طول المسافة التي يقطعها القطار وحين سألت أجابني البعض بأن المبيدات التي تستخدم في رش الزراعات قد قضت علي هذا الطائر لكنها لم تقضي علي الديدان والحشرات كما كان هو يقوم بدوره فيما سبق !! بل إن الحشرات والديدان طورت وحورت من ذاتها وأصبحت أكثر شراسه وفتكا بالمحاصيل ، وبعد أن كانت الأرض فتيه قويه تعطي فضلها وتفيض بخيرها أصبحت عاقرا تمنحنا مسخا بعد مسخ من الزراعات المسرطنه والهجين والمهندسه وراثيا بهرمونات قاتله ،
أما ما جعلني أتذكر هذا الطائر الجميل فهو رؤيتي لأسراب منه خلال رحلتي من القاهره إلي الأسكندريه مؤخرا وقد دهشت لرؤيتها بعدما كانت أختفت كليا ، وحين سألت أحد أصدقائي وهو بيطري ضحك مندهشا من أهتمامي بهذا الطائر ، لكنه اكد لي انها عائده وبقوه وقد أدرك الجميع خطر معالجة الارض بتلك المبيدات فتوقفوا عن إستخدامها ومن ثم عادت الطيور للظهور من جديد ، وقد تزامن شغفي هذا مع أمر شدني كثيرا ألا وهو عودة الإحتشام للشارع المصري فبعد عقود من التبرج ومسايرة الموضه الغربيه بدأت في السنوات الأخيره ظاهرة الأحتشام في الملبس ولن اقول الحجاب لأنني كنت أري محجبات سافرات أكثر من غيرهن من غير المحجبات وليس المقام هنا مقام تفسير لكنني أقصد الاحتشام بمعناه العام سواء أكانت الفتاه أو السيده محجبه او غير ، الجميع عاد لحرصه علي الاحتشام والتستر وأجمل ما راقني هو تخصيص عربات للنساء في شتي وسائل المواصلات في القاهره والأسكندريه مع عدم الزامهن بالركوب فيها ولكن من تجد حرج في مزاحمة الرجال فلها ما تريد عربه خاصة ببنات جنسها ،
وقد تملكني تفاؤل وأنا أري تزامنا لبداية عودة أبي قردان برقته وبياض طلعته وبداية عودة الاخلاق إلي المجتمع وكأننا بدأنا في هدوء ثورة تصحيحيه فليس عوده أبي قردان إلا علامة علي وعي تأصل في النفوس وتطبيق صحيح لنتائج درس تعلمناه ، وأيضا هذا ينطبق علي أخلاقياتنا بعد أن تخلينا علي جزء كبير منها في سياق ما أطلقنا عليه العولمه بدأنا نعود رويدا لأصولنا وليست القضيه قضيه إحتشام فقط بل هو مؤشر علي عودة الأخلاق بكل ما يتعلق بها من سلوكيات في شتي مناحي الحياة ، في الشارع والاماكن العامه والمواصلات ، وقد كنت أتخوف من ظاهره التحرش الجماعي التي طالما ضخمها الإعلام وركز عليها فتره فأذ بي أفاجئ بشباب وبنات في مقتبل العمر يتحلين بأفضل أخلاق وتتجلي صور أخلاقهم مع كبار السن سواء في الشارع أو في وسائل المواصلات المختلفه في ظاهره بدأت تعود بنا سنين للوراء ايام كان للكبير إحترامه وتقديره وقبل أن تأتي حقبه إندثرت فيها الأخلاق والقيم لصالح أفكار غربيه وغريبه وفتت في عضد قيمنا حتي تصورنا إن المجتمع بتقاليده الموروثه والمتأصله فينا عبر عصور قد إنتهت وباتت من الماضي ،
اشرف نبوي