حاجة تفرح
كنا قد أدمنا الحزن وتعودنا الصمت سنين عدة ، ثم أشرقت شمس الثورة علي القلوب لتدفئها ببعض الفرح وتعيد المسلوب من بقايا الفرحه التي كادت تتواري للأبد ، ورغم سقوط الشهداء فقد كنا نشعر بدبيب الفرح يشق طريقه عبر قلوبنا بعد سنوات عجاف خلت إلا من الحزن والهم والكدر ، وتوجس البعض خيفة من أن تجهض الفرحة برحم الثورة لكني كنت مؤمنا ولازلت بأن مشيئة الله عز وجل التي ألقت الرعب في قلوب الفراعين والعتاة الذين كانوا يحكمون قبضتهم علي الغالية مصر ، وجعلتهم يرتعدون خوفا ولا يحركون ساكنا وهم يساقون إلي غياهب السجون التي تفننوا في صنعها ، هذه المشيئة الألاهية ما كانت إلا رحمة بالعباد وإستجابة لدعاء أب مكلوم أو أم ضعيفة تضرعت بصدق كي يكشف الله عنا الهم والظلم فاستجاب المولي وقدر المقادير بحكمتة سبحانه وتعالي لنصل إلي ما وصلنا إليه وبأذن المولي إلي كل ما نصبوا إليه ، وقد خلق الله السموات والأرض في ستة أيام ، و كان قادر علي أن يقول لها كوني فتكن ، لكنه أراد بحكمته أن يعلمنا شيء عظيم وهو الصبر ليكتمل البناء بالشكل الذي نرتضيه بتؤدة ودأب ودون عجلة التي وصم بها الشيطان الرجيم لعنة الله عليه .
ما حدث بالأمس رغم ماشابه من بعض الهنات خير دليل علي ما أقول فقد خطونا الخطوة تلوا الأخري في طريق الخلاص والرفعة ، ولم أجد شيء أعبر به علي ما حدث سوي قول والدي (والله دي حاجة تفرح )، بعفويته وصدقة قالها وشعرت بها حين وجدت لأول مره برلمان حقيقي منتخب أيا كان توجهه وغالبيته لكن الجميل أن تجد أناس اختارهم الشعب ليعبروا عنه وأن تجد هؤلاء جميعا يتنافسون في تأدية الواجب ، وجوه اختلفت عن وجوه برلمانية كانت تبحث أول ما تبحث عن الحصانة وتتناسي ناخبيها حتي قبل التجديد او الإنتخابات التاليه فتغدق عليهم بالوعود والعطايا في غير خجل أو وجل فقد كانت تعلم أنها بهذا أو بدونه ستفوز خاصة إذا كانت مرشحه تبعا للحزب الحاكم ، لكن في أفضل برلمانات ما قبل الثورة لم نجد أكثر من تيارين أو ثلاثه قد ولجوا قاعة المجلس وطبعا الغلبه لحزب الحالكم والباقي كومبارس للإيحاء بالديموقراطية ، لكن أمس وجدنا الأحزاب والتيارات المتباينه وشعرنا بأننا في سنة أولي ديموقراطية وعدالة ، ويا له من شعور لأول يوم لنا في مدرسة الحرية ، ويقيني إننا بوعينا سننتقل خلال بضع سنوات فقط إلي سدة الديموقراطيه ومنتهي غايتها ،
أشعر شعورا يقينيا بأن القادم أفضل وبأن هذا الشعب الذي غفا قرون لا يحتاج للحظة نوم من جيدد وسيبقى مستقيظا لتحقيق نهضته ولمحاسبة حكامة أولا بأول ، وهذا يكفي حتي تنطلق عجلة التقدم وترفع راية النهضة التي نكست لعقود ، وسيتوقف مقدار سرعة إنطلاقنا علي قدرتنا علي تغيير أخلاقياتنا التي أريد لها ان تنحدر كي يسهل السيطرة علينا وهذا واجب كل فرد من افراد الوطن أن يحاول أن يصلح من نفسه وأولاده واسرته ومن حوله ولا يقبل إلا بالصح والصحيح له أو عليه ، وكلما صلحت الأخلاق والتعاملات البينيه سريعا كلما كانت نهضتنا ولحاقنا بركب التقدم أسرع ، ولعل فيما حدث من إزاحة للنظام الديكتاتوري البغيض الذي كان يحكم قبضته بكل شراسة على الوطن ومقدراته خير دليل على أنه لا يوجد مستحيل فقط صدق النوايا والأصرار علي النجاح وتحقيق الأمل هما مفتاح أي نهضه حقيقة ، وإذا كان إنعقاد أول برلمان حقيقي قد جعل البعض يفرح فأننا ننأمل أن تعم الفرحه القلوب حين ننهض بالوطن كل في موقعه خلال بضع سنوات ووقتها ستكون الفرحه أكبر بكثير وداخل كل بيت في الوطن ،،
اشرف نبوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق