tadwina-18873864-tadwina

tadwina-18873864-tadwina

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 17 يناير 2010

يوميات طفل غزاوي

يوميات طفل غزاوي
اليوم كالأيام السابقه ، لم يتوقف صوت القذائف ، لا تفرق الشظايا بين رجل وطفل ، بين حائط مسجد أو بيت جدي أو ماتبقي منه ، صامد أنا ، لاتقلقي يا خالتي ، وجميعنا هنا بخير حال ، نحن نتقاسم الرغيف لكننا نجده أطيب من كل طعام ، لأن إدامنا العزه يا خالتي ، طعم الذل المر قد فارقنا ، وبرد الهزيمه والانكسار ذهب لغير رجعه ، نحن يا خالتي ، نضيئ عتمة الليل بحكايات صلاح الدين والمعتصم وخالد ، وأختي الصغيره ياخالتي ، صارت تعرف كيف ترتل آيات القرأن ، جدي علمها ، وهو يبتسم ويدعوا،
أشتقت لمدرستي يا خالتي ، لكنهم يقولون بأن الفرج قريب ، أخشي علي معلمتي ، وحارس المدرسة الطيب ، وساعي البريد يا خالتي الذي كان يحمل إلينا رسائلك ، لم يعد يحضر ، يقولون بأنه ربما أستشهد، فمن سيأتينا بخطاباتك يا خالتي ، ومن سيحمل لنا أنباء الفرح التي ترسليها عبر أسطرك ،
سمعت يا خالتي في المدرسه منذ أيام مضت وقبل أن يغلقوها بعدما تهدمت معظم مبانيها ، سمعت بأن القدس أختاروها عاصمة للثقافه العربيه ، ما معني هذا يا خالتي ؟ وكيف تكون عاصمة لثقافتنا وهي أسيره ؟ ، كانوا قد وعدونا بحفل كبير يوزعون فيه الحلوي علينا ،
كم أشتقت للحلوي التي كنت تطعمينيني إياها يا خالتي ، حتي هذا الحفل الذي إنتظرناه جميعا لم يقام ، لقد عدمنا الحلوي يا خالتي ، والحوانيت التي كانت تتاجر في البضائع التي كانت تأتينا عبر الأنفاق من مصر افلست بعدما فجر الصهاينه الأنفاق ، كنت أتسائل يا خالتي لما لم يمنع جند مصر الصهاينه من تفجير الانفاق ؟ أليست تلك الانفاق في أرض مصر العربيه يا خالتي ؟
أسألك يا خالتي لأن جدي يبكي وينظر للارض كلما لاحت من فمي الأسئله ، أتدرين يا خالتي كم بكي جدي يوم المهزله ؟ أقصد يوم إلتقاء فريقي الكره بمصر والجزائر وما حدث يومها وتلاه من زلزله ، لم يقرب جدي الطعام لثلاثه أيام يا خالتي ؟ ولم تجف دمعته ، كنت والاولاد فرحين يا خالتي بأن يكون لنا نحن العرب وجود علي الخارطه ولو في خارطة الرياضه والكره ، لكن جدي كان غاضبا مما حدث ولعن الكره ألف ألف مره ، وهو يتحسر علي ناصر ويحكي لنا حكايات جميله بوحريد ،
يا خالتي لماذا ما عدت تأتينا ؟ ، وما معني الحصار الذي يتحدثون عنه يا خالتي ؟ وهل هو يختلف كثير عن الإحتلال الذي حكيت لنا عنه ؟ ومن يحاصرنا يا خالتي ؟ يقولون إن الحصار ليس من الصهاينه بل هو حصاراخوة لنا ، وانا ماصدقت ، لاني ما فهمت ، هل هذا صحيح يا خالتي ؟ وان كان صحيحا فهل تفهميني لما ؟ يا خالتي انا ما صرت أعرف سببا لكل ما يحدث لنا ، وهربت دمعتي من مقلتي ، هل ستعود يوما البسمه لشفتاي أو الدمعه التي ولت لعيناي ؟
خالتي قالوا لنا بأن أوربا تحركت وأرسلت لنا ببعض المؤن والأدويه لجدي ، هل هذا صحيح ؟ ولما لم تصل تلك المؤن يا خالتي حتي الآن قالوا بأن الصهاينه أبعدوها وهاجموها ، لكني سمعت من جدي إنهم سيأتون عن طريق جيراننا من العرب ، وبعدها بكي جدي ! ولم أعرف السبب .
يقولون في الازقه الضيقه هنا بأن هناك وعودا بالتصالح ، فهل كنا يا خالتي متخاصمين ؟ ولما نتخاصم نحن ؟ الا يكفينا إن خصمنا هم الصهاينه المغتصبين حتي نتخاصم فيما بيننا ؟ ما عدت أفهم يا خالتي ، لكني أحاول ، فأنا إنصت كثير لرفقاء الشوارع والأذقه ممن يكبروني سنا ، وقد سمعتهم يا خالتي يتشاجرون وهم يتحدثون عن جدار من الحديد يبنيه أخوتنا في مصر بيننا وبينهم ، وتعجبت يا خالتي لما يقومون بهذا البناء ولأي سبب ، وجدي لم يجيبني إلا بدموعه كالعاده ،
هناك سؤال بحلقي يا خالتي ، هل كان هذا السور موجود قبل ان ينسحب الصهاينه من غزه ؟ ، أم إننا صرنا أخطر علي جيراننا من الصهاينه أنفسهم ؟ فقاموا يزرعون هذا السور الذي سمعت إنه من الفولاذ ، جدي حين يحكي لنا في الامسيات الطويله عن عمر وخالد وصلاح الدين يقول لنا دوما أن قلوبهم كانت قويه كالفولاذ في ساحات الجهاد ، لكنه كقلوب الطير حين يقفون بين يدي الله ، جدي يحثنا أن نصبح مثلهم ويقول بأننا حصن الامه في الغد ،
هل أتعبك حديثي يا خالتي ؟ ، أم أضجرك كثرة أسئلتي ؟، أعذريني يا خالتي فما عاد لي غيرك بعد الله ، فأبي الشهيد قد فارقنا من زمن ، وأمي كما تعلمين ذبحها الصهاينه ، أما جدي فأنه سئم الحياة ، ولولا وجودي انا واختي لربما كان قد فارق دنينا بعدما أفترسه الحزن وطحنته خيبة الامل ، يشعر أننا أمانه في عنقه ، أعذريني يا خالتي وأكتبي لي ، لعل خطاباتك تنسيني ولو للحظه إني يتيم ، وتغسل قلبي من الحزن ولو لدقائق ، لعلي انسي يا خالتي إني وحيد ، وإن كل أخوتي أو من كنت أظنهم أخوتي قد تخلوا عني جميعهم .

أشرف نبوى

ليست هناك تعليقات: