واحد منهم
حين كنت أري إسمي بين الأسماء كان ينتابني شعور غامض لم أدري يوما كنه هذا الشعور ، لكنه بغموضه هذا كان يخفف عني بعضا من الحزن الذي كان يخالجني ويعشش في مقلتي التي كانت تزدحم ببعض العبرات ، وحين شببت عن الطوق قليلا كنت أغضب كثيرا وأنا أري كابتن الفريق الذي كنا ننتمي إليه ، تعلق بعينيه تلك النظره التي تحمل نفس المعني ، دون تمييز بين أحدنا والأخر ، حتي عندما كبرنا وأنتسبنا للجامعه كانت عبارات الفتاة التي كنت أعشق تتقاطر بنفس المعني وهي تتحدث إلينا فكان هذا يغضبني، لم أدر لما كنت أتوق دوما للتفرد ولأن أعامل علي أني لست مجرد رقم أو أسم بل إنسان له شعور وأحاسيس يجب أن تؤخذ في الاعتبار حين يفكر الاخر في التعامل معه ، فلم أرضي يوما علي وجود أسمي رغم تفوقي في قائمة الناجحين لأني كنت أستشعره رقم وأسم لا يحمل دفء المعني ، وحين بدأت عملي حرصت من أول يوم لي علي أن أكون أنا ، وأجتهدت لكي لا أكون مجرد واحد منهم ، من الموظفين أو حتي المديرين ، حتي عندما تقدمت لخطبة الإنسانه التي أحببت كنت حريصا علي تميزي في طلبي وفي إتمام إجراءات الزفاف ، بعدما فشلت عدة محاولات كنت أراني خلالها مجرد فرصه من الفرص لصويحباتها ، فكنت أسارع بالإنسحاب ،
لم تكن تلك أنانيه أو غرور بل كانت حرصا مني علي النجاح ، فأنت حين ترفض أن تصبح مجرد واحد من كثيرين ، فأنك تحرص علي فعل كل ما يجعلك لا تتخلي عن تفردك وتميزك الذي تحلم بتحقيقه وأنا كنت ولا زلت متمسكا بحلمي ، لأني أعتقد أنه السبيل الوحيد لتحقيق أي إنجاز ، فالخروج من طابور المعتاد والتمرد علي التابوهات المتهالكه هو نوع من أنواع السعي الي الأبداع والتغير ، وما حياتنا الي سلسله من الابداعات ، هذا إذا اردنا بالفعل ان نحياها كما أراد لنا المولي عز وجل أن نحياها ، أما أن نعيش لنأكل ونعمل ونتكاثر بلاهدف وبلا رغبة في إحداث نقلات حياتيه أو قفزات علي المستوي الإنساني وفي أي مجال نختص به ، فإننا بهذا نكون قد كرسنا لسياسة القطيع التي تنتهجها معظم المجتمعات البدائيه ، والامم المتخلفة التي يسمونها تأدبا ناميه ،
وانا هنا أريد أن اوضح شيء هام يخص ما ذكرت بصفة دقيقه وهو أن التفرد والتميز يكون بتقديم رؤيه منهجيه منظمه وحلول وأفكار ، بتقديم شيء يعود بالنفع علي الذات والمجتمع ومن ثم علي الأمه جمعاء ، لأنني أري الكثيرين الأن يحاولون التفرد لكن بجهل وغوغائيه ، يحاولون التفرد بالتغريد خارج السرب ، يختلفون ويصيحون ويعادون لمجرد الظهور ، يعارضون لمجرد المعارضه ، دون أن تكون لديهم منهجيه خاصة بهم ورؤيه واضحه تضع حلولا تحل محل ما يعارضونه أو ينتقدوه ، وقد عظمت الطامه لأن هذا طال جميع مناحي حياتنا ، من سياسيه لأجتماعيه ومن رياضه لفن حتي الدين لم يسلم من نيل هؤلاء ، والكل يطمع في ركوب الموجه ، معتقدا إن هذا سيوصله لشيء وهو واهم ،
أنت حين تتصدي لقضية ما يجب أن تلم بكافة ما يتعلق بها من أسباب وأطراف وعلاقتها بغيرها من القضايا ، ومن ثم تضع عدة حلول بأساليب علميه دقيقه حتي لو أعتمدت علي غيرك من الخبراء في هذا المجال ، وتفاضل بين تلك الحلول ، وتطرح أفضلها للنقاش العام ، ويكون دوما هدفك الصالح العام وليس مصالح شخصيه تحركها أهواء أو قناعات خاطئه ، وتكون علي إستعداد لتلقي رأي الأخر الذي في الغالب قد يكون مخالفا لرأيك لإختلاف النظره والاسس التي تم بناء رأيه علي مفرداتها ، ويكون لديك من الحجج ما تستطيع به أن تقنع الذي أمامك بوجهة نظرك دون تشنج أو إسفاف أو رفض للأخر بكليته ، بل يجب أن تكون مستعدا لقبول رأي الاخر في حال أقنعك ، وفي حال وجدت من المنطق في ما توصل إليه ما يحتم عليك إتباعه ، ولا تضع من البدايه فرضيه رفض الأخر مهما يكن ما سيقدمه ، أولا لأن هذا ينسف مصداقيتك من البدايه وثانيا لأن هذا يكون مدعاة لعدم تلاقح الأفكار ، وما يسببه هذا من جمود ، وإنهيار لفكرة الصالح العام .
هذا أذا أردت فعلا ان تكون متفردا وفاعلا ، لا متبعا ومقلدا ، ولا صائحا وسط جموع الصائحين بلا هدف وبلا وعي ، لمجرد ان تكون موجودا ، ولا يهم ما تفعله أو ما تقوله ، أو يشغلك أثره ، المهم التواجد والمشاركه بفاعليه أو بدون ، بفائده أو بدون ، وكأنك تريد أن تكون واحد منهم وكفي ، وكأنك تريد أن تنضم إلي سلسه الأقلام النافقه والحناجر التافهه ،
جميعنا بدأ كما بدأت أنا راغبا في التفرد وعازما علي إحداث فرق لكن سرعان ما تنقلب الصوره ويجد أيا منا نفسه وقد إنساق وراء وهم يصور له أن لافائده وإن اليد الواحده لا تصفق فيتقاعص ويبدأ في نسيان رغبته الأكيده في رفضه لأن يكون مجرد وحد منهم ، ويبدأ إما في معاقرة الصمت ، أو البحث عن التفرد بالتهجم ونشب معاول الهدم في كل ما حوله ، ومن حوله ، وتمتزج المرارة بسخريته مع شعوره بالإنسحاق والهزيمه في ذاته ، تغذي تلك النزعات خيبة أمله في مجتمعات يسودها الفساد وتنعدم فيها العداله وتتواري المساوة بين أبناء الوطن الواحد ، فلا يجد سبيلا غير ما ذكرت وهو الإنضمام للقطيع في سعيه للأستمرار ، أو تخيل أنه يجب أن يحافظ علي تفرده وذلك بالهجوم علي أي شيء وكل شخص ، دون أن يكون قادرا بذاته علي النظر لنفسه أو محاولة إصلاحها ، ودون أن يكون قادرا علي تقديم الأفضل في ظل ضبايبه فكريه أحدثها يأسه وعدم قدرته علي التعايش مع إيمانه بذاته وبقدراته .
يحدث هذا كل يوم معي ومعك ومع أناس كثر ، وجدو أنفسهم وبلا سابق إنذار ضمن القطيع فالبعض إستسلم ، والبعض حاول أن يتمرد لكن بغير منهجيه ولا فكر ، وإنما بإنفلات أخلاقي وفكري فأذي نفسه قبل أن يؤذي غيره ، وقليل هم من نجوا من هذا وذاك فخطوا لأنفسهم طريقا وأسسوا لذواتهم منهاجا قويما مستعينين بثوابتهم الاخلاقيه والدينيه التي أعانتهم علي سلوك هذا الطريق فنجوا من أن يقعوا في هاوية التقليد الاعمي أو التفرد الأغبي ، بل إنهم نجحوا وبإمتياز في التفرد ولم يتعثروا في هاويه عنوانها الأبرز ( واحد منهم ) .
اشرف نبوي
حين كنت أري إسمي بين الأسماء كان ينتابني شعور غامض لم أدري يوما كنه هذا الشعور ، لكنه بغموضه هذا كان يخفف عني بعضا من الحزن الذي كان يخالجني ويعشش في مقلتي التي كانت تزدحم ببعض العبرات ، وحين شببت عن الطوق قليلا كنت أغضب كثيرا وأنا أري كابتن الفريق الذي كنا ننتمي إليه ، تعلق بعينيه تلك النظره التي تحمل نفس المعني ، دون تمييز بين أحدنا والأخر ، حتي عندما كبرنا وأنتسبنا للجامعه كانت عبارات الفتاة التي كنت أعشق تتقاطر بنفس المعني وهي تتحدث إلينا فكان هذا يغضبني، لم أدر لما كنت أتوق دوما للتفرد ولأن أعامل علي أني لست مجرد رقم أو أسم بل إنسان له شعور وأحاسيس يجب أن تؤخذ في الاعتبار حين يفكر الاخر في التعامل معه ، فلم أرضي يوما علي وجود أسمي رغم تفوقي في قائمة الناجحين لأني كنت أستشعره رقم وأسم لا يحمل دفء المعني ، وحين بدأت عملي حرصت من أول يوم لي علي أن أكون أنا ، وأجتهدت لكي لا أكون مجرد واحد منهم ، من الموظفين أو حتي المديرين ، حتي عندما تقدمت لخطبة الإنسانه التي أحببت كنت حريصا علي تميزي في طلبي وفي إتمام إجراءات الزفاف ، بعدما فشلت عدة محاولات كنت أراني خلالها مجرد فرصه من الفرص لصويحباتها ، فكنت أسارع بالإنسحاب ،
لم تكن تلك أنانيه أو غرور بل كانت حرصا مني علي النجاح ، فأنت حين ترفض أن تصبح مجرد واحد من كثيرين ، فأنك تحرص علي فعل كل ما يجعلك لا تتخلي عن تفردك وتميزك الذي تحلم بتحقيقه وأنا كنت ولا زلت متمسكا بحلمي ، لأني أعتقد أنه السبيل الوحيد لتحقيق أي إنجاز ، فالخروج من طابور المعتاد والتمرد علي التابوهات المتهالكه هو نوع من أنواع السعي الي الأبداع والتغير ، وما حياتنا الي سلسله من الابداعات ، هذا إذا اردنا بالفعل ان نحياها كما أراد لنا المولي عز وجل أن نحياها ، أما أن نعيش لنأكل ونعمل ونتكاثر بلاهدف وبلا رغبة في إحداث نقلات حياتيه أو قفزات علي المستوي الإنساني وفي أي مجال نختص به ، فإننا بهذا نكون قد كرسنا لسياسة القطيع التي تنتهجها معظم المجتمعات البدائيه ، والامم المتخلفة التي يسمونها تأدبا ناميه ،
وانا هنا أريد أن اوضح شيء هام يخص ما ذكرت بصفة دقيقه وهو أن التفرد والتميز يكون بتقديم رؤيه منهجيه منظمه وحلول وأفكار ، بتقديم شيء يعود بالنفع علي الذات والمجتمع ومن ثم علي الأمه جمعاء ، لأنني أري الكثيرين الأن يحاولون التفرد لكن بجهل وغوغائيه ، يحاولون التفرد بالتغريد خارج السرب ، يختلفون ويصيحون ويعادون لمجرد الظهور ، يعارضون لمجرد المعارضه ، دون أن تكون لديهم منهجيه خاصة بهم ورؤيه واضحه تضع حلولا تحل محل ما يعارضونه أو ينتقدوه ، وقد عظمت الطامه لأن هذا طال جميع مناحي حياتنا ، من سياسيه لأجتماعيه ومن رياضه لفن حتي الدين لم يسلم من نيل هؤلاء ، والكل يطمع في ركوب الموجه ، معتقدا إن هذا سيوصله لشيء وهو واهم ،
أنت حين تتصدي لقضية ما يجب أن تلم بكافة ما يتعلق بها من أسباب وأطراف وعلاقتها بغيرها من القضايا ، ومن ثم تضع عدة حلول بأساليب علميه دقيقه حتي لو أعتمدت علي غيرك من الخبراء في هذا المجال ، وتفاضل بين تلك الحلول ، وتطرح أفضلها للنقاش العام ، ويكون دوما هدفك الصالح العام وليس مصالح شخصيه تحركها أهواء أو قناعات خاطئه ، وتكون علي إستعداد لتلقي رأي الأخر الذي في الغالب قد يكون مخالفا لرأيك لإختلاف النظره والاسس التي تم بناء رأيه علي مفرداتها ، ويكون لديك من الحجج ما تستطيع به أن تقنع الذي أمامك بوجهة نظرك دون تشنج أو إسفاف أو رفض للأخر بكليته ، بل يجب أن تكون مستعدا لقبول رأي الاخر في حال أقنعك ، وفي حال وجدت من المنطق في ما توصل إليه ما يحتم عليك إتباعه ، ولا تضع من البدايه فرضيه رفض الأخر مهما يكن ما سيقدمه ، أولا لأن هذا ينسف مصداقيتك من البدايه وثانيا لأن هذا يكون مدعاة لعدم تلاقح الأفكار ، وما يسببه هذا من جمود ، وإنهيار لفكرة الصالح العام .
هذا أذا أردت فعلا ان تكون متفردا وفاعلا ، لا متبعا ومقلدا ، ولا صائحا وسط جموع الصائحين بلا هدف وبلا وعي ، لمجرد ان تكون موجودا ، ولا يهم ما تفعله أو ما تقوله ، أو يشغلك أثره ، المهم التواجد والمشاركه بفاعليه أو بدون ، بفائده أو بدون ، وكأنك تريد أن تكون واحد منهم وكفي ، وكأنك تريد أن تنضم إلي سلسه الأقلام النافقه والحناجر التافهه ،
جميعنا بدأ كما بدأت أنا راغبا في التفرد وعازما علي إحداث فرق لكن سرعان ما تنقلب الصوره ويجد أيا منا نفسه وقد إنساق وراء وهم يصور له أن لافائده وإن اليد الواحده لا تصفق فيتقاعص ويبدأ في نسيان رغبته الأكيده في رفضه لأن يكون مجرد وحد منهم ، ويبدأ إما في معاقرة الصمت ، أو البحث عن التفرد بالتهجم ونشب معاول الهدم في كل ما حوله ، ومن حوله ، وتمتزج المرارة بسخريته مع شعوره بالإنسحاق والهزيمه في ذاته ، تغذي تلك النزعات خيبة أمله في مجتمعات يسودها الفساد وتنعدم فيها العداله وتتواري المساوة بين أبناء الوطن الواحد ، فلا يجد سبيلا غير ما ذكرت وهو الإنضمام للقطيع في سعيه للأستمرار ، أو تخيل أنه يجب أن يحافظ علي تفرده وذلك بالهجوم علي أي شيء وكل شخص ، دون أن يكون قادرا بذاته علي النظر لنفسه أو محاولة إصلاحها ، ودون أن يكون قادرا علي تقديم الأفضل في ظل ضبايبه فكريه أحدثها يأسه وعدم قدرته علي التعايش مع إيمانه بذاته وبقدراته .
يحدث هذا كل يوم معي ومعك ومع أناس كثر ، وجدو أنفسهم وبلا سابق إنذار ضمن القطيع فالبعض إستسلم ، والبعض حاول أن يتمرد لكن بغير منهجيه ولا فكر ، وإنما بإنفلات أخلاقي وفكري فأذي نفسه قبل أن يؤذي غيره ، وقليل هم من نجوا من هذا وذاك فخطوا لأنفسهم طريقا وأسسوا لذواتهم منهاجا قويما مستعينين بثوابتهم الاخلاقيه والدينيه التي أعانتهم علي سلوك هذا الطريق فنجوا من أن يقعوا في هاوية التقليد الاعمي أو التفرد الأغبي ، بل إنهم نجحوا وبإمتياز في التفرد ولم يتعثروا في هاويه عنوانها الأبرز ( واحد منهم ) .
اشرف نبوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق