تداعيات ما بعد الإنفصال
كأننا جبلنا علي الغباء وكأننا دوما نرفض ما من الله به علينا من نعم تميزنا علي غيرنا من المخلوقات ، فالانسان هو وحده الذي له تاريخ سجله بنفسه ، كان من المفترض أن يتعلم منه وإلا لما نسجل ونؤرخ ؟ ، لكن الإنسانيه بصفه عامة ونحن العرب بصفة خاصة نأبي ان نتعلم وبدلا من أن نسموا بذواتنا وفكرنا كما أراد الله لنا ، فأننا دوما نسعي للإنحدار ونلهث وراء كل ما يجرنا إلي الحضيض ويسحبنا إلي الهاويه ،
بالأمس القريب شبت حربا شعواء قضت علي الأخضر واليابس وكادت لولا رحمة الله أن تبيد الجنس البشري ، فكانت قنبلتا نجازاكي وهيروشيما وأفاق العالم علي فاجعه كبيره وكان من المفترض أن نتعلم ونقلع عن تصنيع وسائل الدمار الشامل ، لكن ما حدث كان العكس فبعدما كانت عضويه النادي النووي مقتصره علي دوله أو إثنتين أصبحت كل يوم تتسع ربما لتشمل بعد بضع سنين كل دول العالم ،
هذا علي الصعيد العالمي أما علي صعيد دولنا العربيه فيحضرني مثلا عربيا أصيلا (عش رجبا تري عجبا ) فنحن نري عجب العجاب وكأننا لا نريد أن نقف ونتعلم بل نضرب بعرض الحائط كل التجارب السابقه ونصر علي معايشة المعاناة من الصفر لنصل بعد أعوام وأعوام إلي حقيقة ما كان يجب علينا فعله من البداية وكأننا نتعاطي الغباء والحمق كما نتعاطي الخبز ونصر علي ممارسة الحمق دون النظر إلي تاريخنا وتجاربنا ومقارنة ما وصلنا إليه بعد طول عناء بما نرجو أن نصل إليه مع إعتناقنا للحمق عقيدة ،
بحكمة الشيخ زايد رحمة الله عليه تم تجميع إمارات عربيه متفرقه ضعيفه لتصبح اليوم دولة في مصاف دول العالم المتحضر والمسموع بها ، في اليمن ومهما قيل عن حكومتها فأن اتحاد الجنوب مع الشمال وضع اليمن من جديد علي الخارطه العالميه وزاد من ثقلها ورغم مزاعم البعض بنهب خيرات الجنوب فأن هذا النهب إذا كان حقيقيا فهو من أجل خير كل اليمنيين وليس من أجل طرف خارجي كان يغترف من خيرات الجنوب بلا حساب ،
ثم يأتي الان من يتحدث عن تقسيم العراق أو إنفصال أقليم الكرد ، وربما يتحينون الفرصه الغير مواتيه في الظرف الراهن لأعلان هذا الانفصال يوما ، لكن الطامة الكبري هي سعي أبناء الجنوب في السودان للإنفصال ، ومهما كانت الحجج والاسباب والمبررات لأصحاب هذا التوجه فأنا أري إنهم علي خطأ ، فهناك ألف طريقه لإصلاح الوضع وتقاسم السلطه وتغيير الحكومه أو حتي القيام بثوره ، لكن أغبي الخيارات هو خيار الإنفصال ولا أجد مسوغا واحدا ، فالسودان سودان بشماله وجنوبه طوال التاريخ ، والسودان قوي بشقي شعبه شمالا وجنوبا ، وهو السودان بابنائه المخلصين من علماء ومفكرين وأدباء وساسه ، ولم يحدث علي طول التاريخ أن ظهر تماييز لأبناء قسم علي الأخر بل لم نسمع إلا مؤخرا وفقط حين تواجدت القوي الخارجيه الطامحه إلي استغلال ثروات البلاد بما يسمي الجنوب والشمال ، فهذه القوي وجدت إن التعامل مع جزء من السودان دون الأخر سيكون إيسر وأكثر نفعيه من التعامل مع دولة وكيان بحجم السودان ، لذا سعت بكل قوه إلي زعزعة الإستقرار وإشعال نار الفتنه وتقليب أبناء السودان بعضهم علي بعض وقد نجحت ،
أكتب قبل الإستفتاء ولا أدري ماذا سيسفر عنه وإن كنت أشعر أن القوي التي تسعي للإنتفاع بخيرات السودان شمالا وجنوبا مستعده لفعل أي شيء حتي يحدث الإنفصال ويخطئ من يتصور إن الجنوب فقط هو من يملك الثروات فالشمال لديه تربه غنيه وأنهار وثروات طبيعيه ويوجد النفط بأراضيه وإن كانت الكميات أقل من الجنوب والذين يسعون إلي تمزيق السودان يعرفون ذلك جيدا وهم سينقضون علي شماله وجنوبه واحدا بعد الأخر حسب أصول اللعبه المتفق عليها فيما بينهم لينهبوا ثروات الشمال والجنوب بعد أن نجحوا في التفريق بين أبنائه ،
والسؤال الذي دفعني للكتابه هو ما هي تداعيات ما بعد الانفصال ؟ هل سنسمع عن السودان الجنوبي والسودان الشمالي ، كما هو حال الكوريتين ؟ أم إن أحد الشقين سيتنازل عن هويته السودانيه ويخترع مسمي جديدا ومن سيقبل بهذا ؟ أم إن حربا ستشتعل بين القسمين علي أحقية كل منهما بمسمي السودان ؟ وإذا حلت هذه المشكله فهل سنري في إجتماع جامعة الدول العربيه القادم كرسيين وعلمين للسودان ، وفي المحافل الدوليه هل سنري ممثلين أثنين لهذا القطر العزيز علي القلب وهل ستتطابق وجهة نظرهما في القضايا المعروضه عند التصويت أم إننا سنري العداء بينهما سيدفع كل قطر للاختلاف مع الأخر فطرف سيؤيد مثلا الإعتراف بدولة فلسطين فيما سيعارض الأخر ،
يحزن القلب وتنكسر النفس حين أري دول أوربا تتوحد وتتقارب وتزيل الحواجز فيما بينها وتلغي جميع الاجراءات والجمارك وتسعي لتوحيد العمله بشكل نهائي رغم التباين بين ثقافتهم ودياناتهم ولغاتهم ونحن لا نكتفي بتباعدنا كدول لها قواسم مشتركه عديده كاللغه والدين والتاريخ بل نزيد و نزايد بالسعي إلي تفتيت ما هو موجود بالفعل ونتغابي ونتعامي عن ما يخطط لنا من أعدائنا الذين يقفون وراء أي مشروع تقسيم لاضعافنا والنيل منا ، وكأننا يجب ان نتألم ونعاني لنتعلم ، كأننا لا نريد ان نقرأ التاريخ أو نفهم بل لا نريد ان نتعلم .
اشرف نبوي
كأننا جبلنا علي الغباء وكأننا دوما نرفض ما من الله به علينا من نعم تميزنا علي غيرنا من المخلوقات ، فالانسان هو وحده الذي له تاريخ سجله بنفسه ، كان من المفترض أن يتعلم منه وإلا لما نسجل ونؤرخ ؟ ، لكن الإنسانيه بصفه عامة ونحن العرب بصفة خاصة نأبي ان نتعلم وبدلا من أن نسموا بذواتنا وفكرنا كما أراد الله لنا ، فأننا دوما نسعي للإنحدار ونلهث وراء كل ما يجرنا إلي الحضيض ويسحبنا إلي الهاويه ،
بالأمس القريب شبت حربا شعواء قضت علي الأخضر واليابس وكادت لولا رحمة الله أن تبيد الجنس البشري ، فكانت قنبلتا نجازاكي وهيروشيما وأفاق العالم علي فاجعه كبيره وكان من المفترض أن نتعلم ونقلع عن تصنيع وسائل الدمار الشامل ، لكن ما حدث كان العكس فبعدما كانت عضويه النادي النووي مقتصره علي دوله أو إثنتين أصبحت كل يوم تتسع ربما لتشمل بعد بضع سنين كل دول العالم ،
هذا علي الصعيد العالمي أما علي صعيد دولنا العربيه فيحضرني مثلا عربيا أصيلا (عش رجبا تري عجبا ) فنحن نري عجب العجاب وكأننا لا نريد أن نقف ونتعلم بل نضرب بعرض الحائط كل التجارب السابقه ونصر علي معايشة المعاناة من الصفر لنصل بعد أعوام وأعوام إلي حقيقة ما كان يجب علينا فعله من البداية وكأننا نتعاطي الغباء والحمق كما نتعاطي الخبز ونصر علي ممارسة الحمق دون النظر إلي تاريخنا وتجاربنا ومقارنة ما وصلنا إليه بعد طول عناء بما نرجو أن نصل إليه مع إعتناقنا للحمق عقيدة ،
بحكمة الشيخ زايد رحمة الله عليه تم تجميع إمارات عربيه متفرقه ضعيفه لتصبح اليوم دولة في مصاف دول العالم المتحضر والمسموع بها ، في اليمن ومهما قيل عن حكومتها فأن اتحاد الجنوب مع الشمال وضع اليمن من جديد علي الخارطه العالميه وزاد من ثقلها ورغم مزاعم البعض بنهب خيرات الجنوب فأن هذا النهب إذا كان حقيقيا فهو من أجل خير كل اليمنيين وليس من أجل طرف خارجي كان يغترف من خيرات الجنوب بلا حساب ،
ثم يأتي الان من يتحدث عن تقسيم العراق أو إنفصال أقليم الكرد ، وربما يتحينون الفرصه الغير مواتيه في الظرف الراهن لأعلان هذا الانفصال يوما ، لكن الطامة الكبري هي سعي أبناء الجنوب في السودان للإنفصال ، ومهما كانت الحجج والاسباب والمبررات لأصحاب هذا التوجه فأنا أري إنهم علي خطأ ، فهناك ألف طريقه لإصلاح الوضع وتقاسم السلطه وتغيير الحكومه أو حتي القيام بثوره ، لكن أغبي الخيارات هو خيار الإنفصال ولا أجد مسوغا واحدا ، فالسودان سودان بشماله وجنوبه طوال التاريخ ، والسودان قوي بشقي شعبه شمالا وجنوبا ، وهو السودان بابنائه المخلصين من علماء ومفكرين وأدباء وساسه ، ولم يحدث علي طول التاريخ أن ظهر تماييز لأبناء قسم علي الأخر بل لم نسمع إلا مؤخرا وفقط حين تواجدت القوي الخارجيه الطامحه إلي استغلال ثروات البلاد بما يسمي الجنوب والشمال ، فهذه القوي وجدت إن التعامل مع جزء من السودان دون الأخر سيكون إيسر وأكثر نفعيه من التعامل مع دولة وكيان بحجم السودان ، لذا سعت بكل قوه إلي زعزعة الإستقرار وإشعال نار الفتنه وتقليب أبناء السودان بعضهم علي بعض وقد نجحت ،
أكتب قبل الإستفتاء ولا أدري ماذا سيسفر عنه وإن كنت أشعر أن القوي التي تسعي للإنتفاع بخيرات السودان شمالا وجنوبا مستعده لفعل أي شيء حتي يحدث الإنفصال ويخطئ من يتصور إن الجنوب فقط هو من يملك الثروات فالشمال لديه تربه غنيه وأنهار وثروات طبيعيه ويوجد النفط بأراضيه وإن كانت الكميات أقل من الجنوب والذين يسعون إلي تمزيق السودان يعرفون ذلك جيدا وهم سينقضون علي شماله وجنوبه واحدا بعد الأخر حسب أصول اللعبه المتفق عليها فيما بينهم لينهبوا ثروات الشمال والجنوب بعد أن نجحوا في التفريق بين أبنائه ،
والسؤال الذي دفعني للكتابه هو ما هي تداعيات ما بعد الانفصال ؟ هل سنسمع عن السودان الجنوبي والسودان الشمالي ، كما هو حال الكوريتين ؟ أم إن أحد الشقين سيتنازل عن هويته السودانيه ويخترع مسمي جديدا ومن سيقبل بهذا ؟ أم إن حربا ستشتعل بين القسمين علي أحقية كل منهما بمسمي السودان ؟ وإذا حلت هذه المشكله فهل سنري في إجتماع جامعة الدول العربيه القادم كرسيين وعلمين للسودان ، وفي المحافل الدوليه هل سنري ممثلين أثنين لهذا القطر العزيز علي القلب وهل ستتطابق وجهة نظرهما في القضايا المعروضه عند التصويت أم إننا سنري العداء بينهما سيدفع كل قطر للاختلاف مع الأخر فطرف سيؤيد مثلا الإعتراف بدولة فلسطين فيما سيعارض الأخر ،
يحزن القلب وتنكسر النفس حين أري دول أوربا تتوحد وتتقارب وتزيل الحواجز فيما بينها وتلغي جميع الاجراءات والجمارك وتسعي لتوحيد العمله بشكل نهائي رغم التباين بين ثقافتهم ودياناتهم ولغاتهم ونحن لا نكتفي بتباعدنا كدول لها قواسم مشتركه عديده كاللغه والدين والتاريخ بل نزيد و نزايد بالسعي إلي تفتيت ما هو موجود بالفعل ونتغابي ونتعامي عن ما يخطط لنا من أعدائنا الذين يقفون وراء أي مشروع تقسيم لاضعافنا والنيل منا ، وكأننا يجب ان نتألم ونعاني لنتعلم ، كأننا لا نريد ان نقرأ التاريخ أو نفهم بل لا نريد ان نتعلم .
اشرف نبوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق