عمده بجد
جمعني لقاء مع أحد أصدقاء الماضي الذي أصبح عمده كون أبيه وجده كانوا عمد أيام كان للعمده قيمه وللعموديه مهابه و قدرا كان علي بساطته التي عهدتها فيه دوما وهي سمة أبناء ريف مصر ، جلس بجواري وهو يذكرني بأيام طفولتنا حين كان يزورني في الأسكندريه لقضاء الصيف وحين كنت أزوره أحيانا بالقريه للأستجمام ، وجرنا الحديث إلي عملي بالخارج ومن ثم سألته عن عمله وهل لمنصب العمده نفس القدر الذي كان أيام جده الذي كنا نفر جريا إذا رأيناه آتيا مهابة وخشية ، فضحك صديقي ضحكه طويله وأرتفع صوته مجلجلا وهو يقول كاااان زمان ،
بعد أن إنتهي من وصلة الضحك التي تكررت حتي دمعت عيناه ، رأيت حزنا متواريا علي قسماته ، أراد أن نغير الموضوع لكنني وجدتني مشدودا لمعرفة التفاصيل ولما هذه النظرة الحزينة التي أرتسمت علي وجه عمدة بلدتنا ، في نهاية ضحكته ، أبتسم صاحبي العمده وهو يقول بأسي إنهم يقومون بتعيننا الأن لا توجد إنتخابات كما كان الوضع أيام جدي ، يأتي أمر من المركز- من الحكومه يعني- ، و بعد أن كان مأمور المركز يزور العمده ، كما كان يحدث مع جدي وينسق معه ويعطيه الثقه والدعم بزيارته نحن نطلب الأن حسب ما يرتئيه المأمور وأحيانا يطلبنا ونذهب إليه نحن عمد الكفور ثم لا يجد وقت لنا فنعود بعد أن ننتظر عدة ساعات وكأننا موظفين لديه ، وحين تعجبت من كلامه نظر إلي الأرض وهو يقول أنت فاكرني عمده بجد ؟
حز كلامه في نفسي وبعد فترة صمت ، أكمل هؤلاء الضباط يعتبروننا مخبرين لديهم ليس إلا ، في أخر مره زرت الضابط في المركز سألني بخبث عن بعض عناصر جماعات دينيه فأخبرته أن هناك بعض المتدينين لدينا وأصحاب الدعوه فهز رأسه مستهزئا وهو يسألني ألا تعرف إنهم أعضاء بجماعات محظورة ، وقبل أن أجيب ذكر لي بعض الأسماء فأشرت إليه موفقا إنهم نفس الأشخاص ، فصمت برهه ثم أردف ألم تنسي أحدا فتعجبت وأشرت إليه بالنفي ،فضحك مستهزئا وهو يقول وبيقولوا عليك عمده ؟ ثم ذكر أحد الشباب الذي بدت عليهم علامات الصلاح وأنتظم في المسجد مؤخرا ، وطبعا لم يصدقني حين قلت له إنه شخص ألتزم وهو ليس عضوا بأي جماعه ، وصرخ وهو يهب واقفا عايز تقرير أسبوعي عنه ، قمت من فوري وسلمت عليه وأنا أرتجف فقد يلفق لي أي تهمه أبسطها اخفاء هاربين او التستر علي فارين من العداله ووقتها لن تطير العموديه فقط بل ربما طارت رقبتي ، وضحك نفس الضحكه الهستيريه الصارخه ،
تعجبت وأنا أستمع لحكايته فقد أنخفض سقف الحريه كثيرا رغم التشدق بنغمات الديموقراطيه والحريه التي يسمعونها لنا ليل نهار وأصبح العمدة والذي كان كبير البلد ورمز العداله والهيبه والأحترام ، لعبه في إيدي رجال الأمن الطغاة بمساندة دولة البوليس التي باتت تحكم مصر في عهد ظل يكذب علينا وعلي نفسه حتي صدق كذبته بأننا نعيش عهد الديموقراطيه والحريه ، عهد الشفافيه والعداله ، فأذ بنا نتراجع خطوات وتكمم الأفواه ويسود منطق إرهاب الدولة متمثلة في جلاديها من ضباط الأمن الذين لا هم لهم سوي متابعة المواطنين الأبرياء وأصطيادهم وتلفيق التهم لهم ناسين أن أساس وجودهم أنما هو حماية أمن وأمان المواطن والضرب بيد من حديد علي أيدي المجرمين وسارقي أقوات الشعب لا تنصيب أنفسهم قضاة لمحاكمة الشعب وتكميم أفواه أبنائه حتي لا تنطق بما يغضب أسيادهم ولاة نعمتهم وحماة وجودهم في مناصبهم التي باتت تدر عليهم الكثير وتضعهم خارج دائرة المطحونين من أبناء الشعب الجياع والمظلومين ، فهم قد أختاروا الجانب المشرق من الصوره وتركو الجانب المظلم بظلمه وكآبته يرتع فيه كل من تسول له نفسه معارضتهم هم أو أسيادهم ،
ولم أتصور يوما أن يصل الحال إلي ما وصل إليه فتحكم القبضه الحديديه ليس علي المدن الكبيره وناسها فقط بل أيضا علي القري الصغيره التي لم تكن يوما تشكل أي تهديد ، بل علي العكس كان أهلها بطيبتهم وعمدتهم الحقيقي الذي كان ينتخب من وسطهم ( هذا ايام كان هناك إنتخابات ) كانوا مثالا يحتذي في العداله وتطبيق القانون والعرف ، فأذا بنظام الجلاديين الجدد ينسف هذه المنظومه وينصب نفسه وصيا عليها ، وكانه يصرخ بأعلي صوته : أنا العمده وبس .
أشرف نبوي
جمعني لقاء مع أحد أصدقاء الماضي الذي أصبح عمده كون أبيه وجده كانوا عمد أيام كان للعمده قيمه وللعموديه مهابه و قدرا كان علي بساطته التي عهدتها فيه دوما وهي سمة أبناء ريف مصر ، جلس بجواري وهو يذكرني بأيام طفولتنا حين كان يزورني في الأسكندريه لقضاء الصيف وحين كنت أزوره أحيانا بالقريه للأستجمام ، وجرنا الحديث إلي عملي بالخارج ومن ثم سألته عن عمله وهل لمنصب العمده نفس القدر الذي كان أيام جده الذي كنا نفر جريا إذا رأيناه آتيا مهابة وخشية ، فضحك صديقي ضحكه طويله وأرتفع صوته مجلجلا وهو يقول كاااان زمان ،
بعد أن إنتهي من وصلة الضحك التي تكررت حتي دمعت عيناه ، رأيت حزنا متواريا علي قسماته ، أراد أن نغير الموضوع لكنني وجدتني مشدودا لمعرفة التفاصيل ولما هذه النظرة الحزينة التي أرتسمت علي وجه عمدة بلدتنا ، في نهاية ضحكته ، أبتسم صاحبي العمده وهو يقول بأسي إنهم يقومون بتعيننا الأن لا توجد إنتخابات كما كان الوضع أيام جدي ، يأتي أمر من المركز- من الحكومه يعني- ، و بعد أن كان مأمور المركز يزور العمده ، كما كان يحدث مع جدي وينسق معه ويعطيه الثقه والدعم بزيارته نحن نطلب الأن حسب ما يرتئيه المأمور وأحيانا يطلبنا ونذهب إليه نحن عمد الكفور ثم لا يجد وقت لنا فنعود بعد أن ننتظر عدة ساعات وكأننا موظفين لديه ، وحين تعجبت من كلامه نظر إلي الأرض وهو يقول أنت فاكرني عمده بجد ؟
حز كلامه في نفسي وبعد فترة صمت ، أكمل هؤلاء الضباط يعتبروننا مخبرين لديهم ليس إلا ، في أخر مره زرت الضابط في المركز سألني بخبث عن بعض عناصر جماعات دينيه فأخبرته أن هناك بعض المتدينين لدينا وأصحاب الدعوه فهز رأسه مستهزئا وهو يسألني ألا تعرف إنهم أعضاء بجماعات محظورة ، وقبل أن أجيب ذكر لي بعض الأسماء فأشرت إليه موفقا إنهم نفس الأشخاص ، فصمت برهه ثم أردف ألم تنسي أحدا فتعجبت وأشرت إليه بالنفي ،فضحك مستهزئا وهو يقول وبيقولوا عليك عمده ؟ ثم ذكر أحد الشباب الذي بدت عليهم علامات الصلاح وأنتظم في المسجد مؤخرا ، وطبعا لم يصدقني حين قلت له إنه شخص ألتزم وهو ليس عضوا بأي جماعه ، وصرخ وهو يهب واقفا عايز تقرير أسبوعي عنه ، قمت من فوري وسلمت عليه وأنا أرتجف فقد يلفق لي أي تهمه أبسطها اخفاء هاربين او التستر علي فارين من العداله ووقتها لن تطير العموديه فقط بل ربما طارت رقبتي ، وضحك نفس الضحكه الهستيريه الصارخه ،
تعجبت وأنا أستمع لحكايته فقد أنخفض سقف الحريه كثيرا رغم التشدق بنغمات الديموقراطيه والحريه التي يسمعونها لنا ليل نهار وأصبح العمدة والذي كان كبير البلد ورمز العداله والهيبه والأحترام ، لعبه في إيدي رجال الأمن الطغاة بمساندة دولة البوليس التي باتت تحكم مصر في عهد ظل يكذب علينا وعلي نفسه حتي صدق كذبته بأننا نعيش عهد الديموقراطيه والحريه ، عهد الشفافيه والعداله ، فأذ بنا نتراجع خطوات وتكمم الأفواه ويسود منطق إرهاب الدولة متمثلة في جلاديها من ضباط الأمن الذين لا هم لهم سوي متابعة المواطنين الأبرياء وأصطيادهم وتلفيق التهم لهم ناسين أن أساس وجودهم أنما هو حماية أمن وأمان المواطن والضرب بيد من حديد علي أيدي المجرمين وسارقي أقوات الشعب لا تنصيب أنفسهم قضاة لمحاكمة الشعب وتكميم أفواه أبنائه حتي لا تنطق بما يغضب أسيادهم ولاة نعمتهم وحماة وجودهم في مناصبهم التي باتت تدر عليهم الكثير وتضعهم خارج دائرة المطحونين من أبناء الشعب الجياع والمظلومين ، فهم قد أختاروا الجانب المشرق من الصوره وتركو الجانب المظلم بظلمه وكآبته يرتع فيه كل من تسول له نفسه معارضتهم هم أو أسيادهم ،
ولم أتصور يوما أن يصل الحال إلي ما وصل إليه فتحكم القبضه الحديديه ليس علي المدن الكبيره وناسها فقط بل أيضا علي القري الصغيره التي لم تكن يوما تشكل أي تهديد ، بل علي العكس كان أهلها بطيبتهم وعمدتهم الحقيقي الذي كان ينتخب من وسطهم ( هذا ايام كان هناك إنتخابات ) كانوا مثالا يحتذي في العداله وتطبيق القانون والعرف ، فأذا بنظام الجلاديين الجدد ينسف هذه المنظومه وينصب نفسه وصيا عليها ، وكانه يصرخ بأعلي صوته : أنا العمده وبس .
أشرف نبوي
هناك تعليق واحد:
مقال أكثر من رائع
الكثير من الرجال تحديدا
اطلق العنان لعينيه و تناسو بأنها معصية لأمر الله
إرسال تعليق