جوز الأتنين
في الموروث الثقافي الشعبي المصري هناك الكثير من الأمثله وهي سمة كل الشعوب تقريبا لكن ربما ما يميز الموروث الثقافي الشعبي في مصر هو أن هناك من الأمثال الكثير الذي يضاد بعضه البعض ، فمثلا يقولون (النار متحرقش مؤمن) وهذا حين ينجي الله إنسان من مصيبه – ثم يعودون ليقولوا في موقف أخر حين يصاب نفس الشخص أو تلحقه مصيبه ( المؤمن منصاب ) وهكذا لو تابعت الأمثال ستجد أن لكل مثل هناك ما يضاده وينفيه .
كانت تلك مقدمه أردت من خلالها إثبات حاله ، أما ما يعنيني هنا فهو مثل ساخر متداول بكثره وله في بعض البلدان العربيه مقابلا ألا وهو ( جوز الأتنين يا قادر يافاجر ) وهم يعنون إما إنه قادر بمعني غني ولديه الكثير ليستطيع أن يسكت زوجتيه بهداياه ومنحه ، أو إنه فاجر ويقصد بها إنه شديد المراس يستطيع أن يلجم كلتا الزوجتين ويوقفهما عند حدود يرسمها بنفسه ، وذلك ليستطيع أن يوفق بينهما ويعيش بسعاده ،
ورغم سخريه هذا المثل وما يحمله من فكاهه في تركيزه وإختصاره وايضا مع وجود أمثلة معارضه له ، إلا إن الكثيرين يحملونه في عقولهم وقلوبهم وكأنه سفر من أسفار الكتاب المقدس ، ويؤمن به الكثير معتبرين إنه حقيقه واقعه لا تحتمل الجدال ،وعليه فأنهم بقناعتهم تلك وحيث أن الكثيرين منهم ( لا قادر ولا فاجر ) يؤثرون السلامه ويبتعدون مطبقين علي أنفسهم المثل بحذافيره ، وقد صادفت الكثيرين ممن يمثل لهم موضوع الزواج الثاني تابوا ، وخط أحمر لا يجوز الأقتراب منه ، بل ولا يحق لأحد أن يناقشه أو يحاول فك طلاسمه ، بل المفروض أن يؤخذ هذا الموضوع علي علاته ، وحين حاولت أن أفهم ، إمتنع البعض عن الخوض في النقاش ربما خوفا من زوجاتهم وإيثارا للسلامه ، أو لترسخ مبادئ تم تسويقها عبر سنين طويله من خلال الإعلام أثرت في تفكيرهم وجعلته أحادي التوجه ، وربما لقناعتهم بأن الزواج من واحده مصيبه فمال بال من يفكر في زيادة مصائبه ، كما قال لي أحدهم ، أو أن الزواج الثاني سيجعله يخسر الأول فما الداعي لهذا ، وفي النهايه لم أصل لشيء ،
وأنا قد افهم رفض النساء لتلك الفكره لما جبلن عليه من الغيره ، وهذا حق مشروع لهن ، وتلك الغيره حميده إذا تمت في إطار شرعي معتدل ، ولم تتجاوزه ، لكن إذا خرجت عن هذا الإطار الشرعي وتجاوزته فإنها تدخل في مناطق أخري محرمه أقلها النشوذ ، وأنا لست مع من يدعين أن الزواج الثاني يجب أن يكون له أسباب لأن هذا لم يرد إلينا شرعا ولم يضع أصلا أي شرط كي يسمح بالتعدد بل أن الكثير من العلماء يري أن الأصل في الزواج هو التعدد طبقا لما ورد بالقرآن ، والأستثناء في حالة عدم القدره علي إقامة العدل وفقط ، وهو عدل بينته السنه فيما يتعلق بالإنفاق والمبيت ، أما المشاعر فهي ليست ملك للإنسان ، وهي قابله للتغير والميل بقدر ما تقدمه إحداهن من حب ومشاعر ،
وقد كتبت قبلا مقالا بعنوان التعدد بين الموروث الثقافي والحاح الحال وبينت بأن حال الأمه الأن يستوجب ان نقتنع جميعا بأن الحل الرباني الذي أوجده الشارع الحكيم فيما يتعلق بموضوع التعدد هو الحل الأمثل والأصدق لكثير من مشاكلنا التي طفت علي السطح وبدأت تؤثر بشكل مباشر في الكثير من مناحي حياتنا ، وانا لا أدعو هنا لأستخدام هذا الحق بأفراط ونهم من قبل الرجال لأرضاء شهواتهم أو التمتع بالنساء ، بل علي العكس تماما أنا أدعو لهذا كي يتحمل الرجال نصيبهم من المسؤلية التي من أجلها نعتوا بالقوامه ، فليس من المعقول أن تزداد نسب أطفال الشوارع والعوانس والمطلقات بتلك النسب الكبيره ونقف مكتوفي الأيدي ولا نبحث عن حل.
وقبل أن يسألني أحد وكيف سيحد هذا التعدد من تلك المشكلات ، أجيب أنا فأطفال الشوارع أما لوالدين أفترقا ، أو لأم عجزت عن توفير سبل العيش بعدما توفي زوجها ، وهنا نجد أنه في الحاله الأولي غالبا ما يكون الفراق والطلاق بسبب قناعة الزوجه بأنها لا تقبل مشاركه أخري في زوجها ( دون مانع ديني ) لذا يحدث الطلاق ومن ثم تتفاقم مشاكل ما بعد الطلاق التي تطال الأبناء ،وحتي أكون منصفا قد يكون الطلاق بسبب مشاكل اخري او لعدم التوافق بين الزوجين ، وهنا لايجب أن تتوقف الحياة ، بل من حق تلك الزوجه وحق أبنائها أن يجدوا رجل أخر حتي ولو كان متزوجا يرعاهم وينفق عليهم ويشرف علي تربيتهم ، أما في الحالة الثانيه - وفاة العائل- فأن الزوجه غالبا تعجز عن مجاراة مشاق الحياة والقيام بالدورين معا الأب والأم فأما تعمل وتترك التربيه في البيت فتتفلت أخلاق الأبناء والبنات ، أو تبقي حبيسة البيت ولا تقدر علي مواصلة الحياة بمعاش ضئيل ، فيتجه الأبناء إلي الشوارع للعمل أو الإنحراف ، وتبقي أحصاءات منظمة الأمم المتحده خير شاهد علي ما أقول .
أذن نحن أمام حالة تتفاقم أثارها السلبيه يوما بعد يوم ونحن نقف عاجزين لا نحاول تغيير المفهوم بما يتلائم وظروفنا الآنيه ، بل إننا ومن خلال إعلام سيء نقدم أفكار باهته وحقائق مشوهه ، بلا غوص في أسباب المشكله ومحاولة تقديم نموزج مضيء والألحاح علي تغيير صورة شرعيه شوهت عن قصد من قبل الإعلام في فترات سابقه أصرت علي تجريم بل وأقتربت من تحريم التعدد بلا سبب ن رغم أن هذا كما قلت لم يرد في أي نص يتعلق بالدين ( أعني وجود سبب مثل أن تكون الزوجه عاقرا لا تنجب أو مريضه ألخ ) لذا وجب علينا نحن جميعا من كتاب ومثقفين ودعاة بل وجميع أفراد المجتمع أن ننتبه ونصحح بعض أخطائنا من خلال مشاهداتنا وخبراتنا الحياتيه ونحقق مبدا التكافل الأجتماعي فيما بيننا من خلال صيغة التعدد وكما قلت يكفي أن يتقبل الأفراد فكرة أن يكون لدي القادر من الرجال حق الزواج الثاني دون أن ينظر إليه علي إنه متعد بل ينظر إليه نظرة تقدير حيث أنه شارك بالتخفيف من أثار وقع مشكلات ترزخ تحت وطئتها الكثير من الأسر .
وأعتقد أن شيوع تلك الفكره وعدم أستهجانها كما يحدث الأن ، سيقضي علي الكثير من المشاكل ويخفف من وقوع الجرائم خاصة الأخلاقيه منها ، فجرائم أبناء الشوارع لن تحلها ملاجئ أو تمنعها تشريعات وقوانين ، ومعدلات الإنفلات الأخلاقي والسلوكي وإرتفاع نسب قضايا البغاء والأتجار بالجسد أعتقد أنها ستقل كثير إن لم تتلاشي بعدما يصبح من حق أي سيدة أن تجد لنفسها كنف رجل شريف يصونها ، دون أن تتهم بأنها أستولت علي زوج غيرها ، وحصلت علي غير حقها ، ولن يحدث هذا بغير تغير المفاهيم وتقبل النساء لفكرة الزواج الثاني والإقتناع تماما بإن هذا لا يقلل قيد أنمله من قدرهن بل أنهن حين يتقبلن هذا فأنهن يؤكدن علي تقوتهن وتقبلهن لحكم من أحكام الشرع برضا نفس وإحتساب ، وإيضا لن يتحقق هذا إلا إذا أقتنع الرجل بأن ما يفعله إنما هو طاعة لله وإتباع لسنة نبيه ، ومشاركة منه في تحمل مسؤليته وتحقيق القوامه التي إختصه الله بها ،خاصة و ما سيستتبع هذا من تربية لأبناء الأمه ورعايتهم والحفاظ عليهم كقوه فاعلة منتجه تشارك في التقدم لا في التخريب والفساد ،
أشرف نبوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق